العصر الحديث لدولة الإمارات العربية المتحدة



مرحلة البرتغاليين

فاسكو دا غاما.
ألفونسو دي ألبوكيرك.
كان أول من وصل إلى الهند من أوروبا الرحالة فاسكو دي غاما بعد نجاح بارثولوميو دياز بالالتفاف حول رأس الرجاء الصالح سنة 1488. ومنها بدأ البرتغاليون الدخول إلى منطقة المحيط الهندي وبحر العرب وخليج عمان والخليج العربي وسيطروا على جميع الموانئ الواقعة على سواحل عمان والمنطقة بالكامل لأكثر من قرنين.
كان لقدوم البرتغاليين تأثير مزدوج الأثر؛ فمن ناحية فتحوا المجال أمام اتصال المنطقة بأوروبا ولكنهم فعلوا ذلك بعد حروب كان لها أثر مدمر على المنطقة. وعلى سبيل المثال فإن مدينتي جلفار وخور فكان على الساحل الشرقي لسلطنة عُمان، أصبحتا في أوائل القرن الثامن عشر مدينتين مهجورتين. وقد فقدت جلفار مكانتها، بعد أن كانت ميناء بحريا هاما وأخذت التقاليد التجارية العربية بالانقراض في المنطقة تدريجيا.
وقد سجل التاريخ لقائد البرتغاليين الأول دي غاما ومن بعده ألفونسو دي ألبوكيرك استيلاءهم على الساحل العماني بأكمله فقام باحتلال مسقط وجزيرة هرمز وتدمير مدينة خور فكان وإحراقها في حملته الأولى سنة 1506 وقد مثل بأهلها لبث الرعب وتحقيق السيطرة الكاملة على المنطقة. وبدأ ألفونسو في القرن الخامس عشر بإقامة العديد من القلاع على السواحل، إذ كان ضمن استراتيجيته للسيطرة على مداخل المحيط الهندي بناء القلاع والحصون المشرفة على البحر، فقد بنى في مسقط على أنقاض قلاع قديمة قلعتي الجلالي والميراني وكذلك في جزيرة هرمز المطلة على مضيق هرمز وكذلك بنى قلاعا في البحرين وفيلكا وجلفار. وبقى البرتغاليون في المنطقة قرابة قرنين كاملين تمكنوا خلالهما وباسأليبهم الاستعمارية من تدمير كل أثر للتجارة العربية فيها.

بين مرحلتين

توحد العمانيون بقيادة الإمام ناصر بن مرشد مؤسس دولة اليعاربة (1624-1741) التي شملت عمان التاريخية، أي سلطنة عُمان والإمارات العربية المتحدة، وأجزاء كبيرة من شرق أفريقيا، وكانت عاصمتها الرستاق. وشن اليعاربة حربا ضد البرتغاليين، ليس في عمان فحسب، وإنما أيضا في مناطق في الخليج العربي والسواحل الأفريقية. وتمكنوا من مواجهتهم بقوة وأخرجوهم من جميع أراضيهم وهو ما أضعف شوكتهم في جميع أرجاء المحيط الهندي. وساهم هذا في إخلاء الطريق للبريطانيين والهولنديين الذين تمكنوا من القضاء على الوجود البرتغالي والانفراد في السيطرة على المنطقة في معركة بحرية حاسمة سنة 1625 بالقرب من بندر عباس، لتبدأ مرحلة جديدة استمرت حتى قيام الاتحاد.

الدولة السعودية الأولى

في عام 1218 هـ الموافق 1803، أرسل والي بغداد رسالة إلى الصدر الأعظم مفاده أن "قبائل بني ياس انضمت للسعوديين، وكذلك قبائل النعيم وبني قتب والقواسم" وأن هذه الحملة هدفها ضم عمان للنفوذ السعودي.

الدولة السعودية الثانية

ذكرت المصادر العثمانية أنه في عام 1269 هـ الموافق 1853، تم التوقيع على اتفاقية البريمي بين الأمير عبد الله بن فيصل نائباً عن والده الأمير فيصل بن تركي والسيد هلال بن سعيد البوسعيدي نيابةً عن السيد ثويني بن سعيد البوسعيدي. وكان من الشهود على الاتفاقية الشيخ سعيد بن طحنون. بعد القضاء على الدولة السعودية الثانية في عام 1891، انتقل الصراع بين الشيخ زايد بن خليفة آل نهيان وقائمام قطر الذي يعتبر ممثل للعثمانيين، وتزايد النفوذ البريطاني في منطقة شرق شبه الجزيرة العربية الذي أدى إلى توقيع اتفاقية حماية بين بريطانيا وكل من شيوخ الساحل والشيخ قاسم آل ثاني - حاكم قطر.

بروز قوى جديدة

تسبب تحرير عمان من السيطرة البرتغالية وانحلال دولة اليعاربة في حدوث تنقلات جديدة بين القبائل، لا في عمان وحدها، بل في شرقي شبه الجزيرة العربية كلها، إذ ساد الأمان ساحل الخليج العربي بعد فترة طويلة من الصراع في العهد البرتغالي، وخلال فترة تقارب من 70 عاما ما بين انتهاء الاستعمار البرتغالي وقدوم الاستعمار البريطاني. بدأت القبائل هجرتها إلى الساحل، وقد برزت على سواحل الخليج في منطقة ساحل عمان التي تعرف الآن بالإمارات العربية المتحدة قوتان سياسيتان جديدتان مستقلتان، هما:
    الإمارات قبل الاتحاد.
  • القوة البحرية: تتألف من حلف قبائل بني غافر (وهو أحد حلفي القبائل العمانية) يتزعمه القواسم وهم قبيلة عمانية عربية، وقد ورد في كتاب "نهضة الأعيان" للمؤرخ العماني محمد بن عبد الله السالمي أن القواسم قبيلة عمانية عدنانية عريقة، نزحت من سواد العراق ومن بلاد سر من رأى وديار بني صالح. بدأت زعامتهم على إثر انحلال دولة اليعاربة التي حكمت عمان بأكملها. وبدأت دولتهم في ما يسمى اليوم برأس الخيمة والشارقة، ثم انتشرت لتشمل شرق الخليج العربي بساحليه الشمالي (يتبع اليوم لإيران) والجنوبي، إضافة للجزر. وقد صارت للقواسم في القرن السابع عشر الميلادي أضخم قوة بحرية في المنطقة. وامتاز رجالها بالصلابة والشجاعة فأقلقوا بريطانيا في ذلك الوقت أكثر مما أقلقتها أية دولة في الخليج. ولم تكن أعمالهم أعمال قرصنة -كما يدعي الإنجليز - وإنما كانت حربهم حربا دفاعية لإجلاء الإنجليز عن السواحل العربية.
  • القوة البرية: وهي قوة بني ياس وحلفائهم من القبائل ضمن الحلف الهناوي (وهو الحلف الرئيس الثاني للقبائل العمانية). وبنو ياس هم قبيلة عربية عدنانية يرجع نسبها إلى ياس بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن ولها وجود هام على ساحل الخليج العربي، تحالفت بعض القبائل معها وأطلق على هذا الحلف تحالف بني ياس فاختلط الأمر على البعض فظنوا أنها حلف سياسي عسكري ولا تمت هذه القبائل بصلة إلى بعضها البعض. كما يشير بعض خبراء النسب إلى أن أصولها قد تكون قحطانية. إلا أن حججهم ليست بقوة من ينسبهم إلى العدنانيين. وكانت زعامة هذا الحلف بيد قبيلتا آل بوفلاح التي ينحدر منها آل نهيان حكام إمارة أبوظبي، وآل بوفلاسة والتي ينحدر منها آل مكتوم حكام إمارة دبي. أما القبائل المتحالفة فتشمل: آل بو مهير، المزاريع، الهوامل، المشاغين وهم فرع من آل بو مهير مستقل، السبايس وهم فرع من آل بو مهير مستقل، المحاربة، القبيسات، الرميثات، الحلالمة، المرر، آل بو حمير، وهم فرع من المناصير، القمزان، السودان، الريالات. امتد نفوذ بني ياس آنذاك على طول الساحل الإماراتي الحالي حتى خور العديد.
حصن الفهيدي، شيد عام 1799م في دبي.

طبيعة الحياة

في تلك الفترة لم تكن أعداد سكان المنطقة تتعدى 72,000 نسمة، وكانت المنطقة تُعرف حتى الخمسينات من القرن العشرين باسم إمارات ساحل عمان. أما الإنجليز فكانوا يسمونها بساحل القراصنة حتى أبرمت اتفاقية الهدنة عام 1853.
كان الناس يقطنون في قرى صغيرة متناثرة على ساحل رأس الخيمة والشارقة ودبي وأبوظبي، وبنوا حصونا لحماية أنفسهم في مناطق التجمع السكاني الرئيسية. وكان اقتصادهم يعتمد على صيد السمك واللؤلوء. وكان معظمهم بحارين يعتمدون على البحر في معيشتهم. ولكن اكتشاف اللؤلؤ الصناعي ونشوب الحرب العالمية الأولى أثرا سلبا على اقتصاد المنطقة. وإلى جانب ذلك، كانت هناك بعض الأنشطة الزراعية في الواحات الداخلية وتعتبر التمور أهم إنتاج فلاحي. إلا أن صعوبة العيش في تلك الفترة وقلة الوسائل جعلت إنتاج البر والبحر غير كاف لهذه المجموعة القليلة من السكان، فكان عليهم استيراد الكثير من حاجياتهم من البصرة في العراق والبحرين وهو ما أعاد النشاط للتجارة البحرية إلى حد ما. أما البادية فكان غذاء أهلها الأساسي من التمور وحليب النوق، ولم يفدهم غذاء البحر لأن شدة الحرارة تفسد السمك حتى قبل وصوله إليهم. والصناعات الأساسية كانت صناعة وصيانة السفن التي برعوا فيها مستفيدين من تقنيات البرتغاليين في تطوير صناعة سفنهم، وتمكن القواسم من صناعة أسطول بحري قوي ساعدهم في السيطرة البحرية على المنطقة.

مرحلة البريطانيين

بعد خروج البرتغاليين، نجحت بريطانيا -رغم منافسة كل من فرنسا وهولندا لها- من السيطرة على المنطقة خلال القرنين الثامن عشر والتاسع العشر وأنشأت شركة الهند الشرقية ككيان إطاره تجاري وأهدافه اقتصادية سياسية. وقد سيطر على الهند وجميع الدول في ذلك الجزء من العالم بما فيها منطقة الخليج العربي واعتبرت جميع الأراضي التابعة له جزءا من الإمبراطورية البريطانية العظمى.
بينما أخذت قوة القواسم البحرية تبرز بأسطول بحري يضم أكثر من 60 سفينة ضخمة، وحوالي عشرين ألف بحار، وبدأت تشكل تحدياً خطيراً للبريطانيين.
وقد كانت المواجهة بين الجانبين حتمية؛ فالقواسم يعتبرون الإنجليز دخلاء ومنافسين لسيطرتهم البحرية ومناطق نفوذهم ولا سيما وأن تحالفا عمانيا بريطانيا نشأ في مواجهة القواسم، كما أن للبريطانيين أطماع في السيطرة على طرق التجارة البحرية والحفاظ على مصالحهم في الهند وجنوب شرق آسيا. وخلال العقدين الأولين من القرن التاسع عشر جرت سلسلة من المعارك البحرية أسفرت في نهاية الأمر عن تدمير أسطول القواسم. وكانت بريطانيا قد شنت ثلاث حملات على المنطقة ضد القواسم في رأس الخيمة بشكل خاص، وجميع مناطق نفوذهم. فشلت الحملتين الأوليين منها ونجحت الثالثة بتدمير أسطول القواسم بصورة شبه كاملة. لقد كان القواسم يدافعون عن مناطق نفوذهم التجاري ولكن بريطانيا اعتبرت ما يقومون به أعمال قرصنة بحرية.
التالي
السابق
أنقر لإضافة تعليق

0 التعليقات:

من فضلك أضف تعليقك